بيان صادر من سماحة آية الله السيّد علي الأكبر الحسيني الحائري (دام ظله) بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لشهادة أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني (رحمهما الله)
سماحة آية الله السيد علي الأكبر الحسيني الحائري

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾

[الاحزاب: 23]

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى أهل بيته الطاهرين.

مرّت يوم أمس الذكرى السنوية الثالثة لشهادة المؤمنَين الصادقَين أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني (رحمهما الله تعالى) على يد شراذم الأمريكيّين الذين لا يزالون محتلّين للعراق. وإني إذ اُعزّي الإمام الحجّة (عجَّل الله فرجه الشريف) وعلماء الدين الأعلام وسائر المؤمنين بذكرى هذه الفاجعة التي أدمت قلوبنا، انتهز هذه المناسبة لتذكير المؤمنين من ابنائي وأعزّاءي العراقيّين (حفظهم الله ونصرهم على أعدائهم) بالأمور التالية:

أوّلاً: إنَّ الشهادة في سبيل الله تعالى كرامة خصّها الله عزّ وجلَّ لِخلَّص أوليائه وأحبّائه، ولا ينالها عارفاً بأهدافها ومدركاً لغاياتها إلّا ذو حظّ عظيم. وثمّة مؤمنون يذهبون لها قاصدين نيلها من أجل تحقيق أهدافهم السامية المباركة في الحياة، ومنهم وفي مقدّمتهم في عصرنا الراهن أستاذنا آية الله العظمى السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر وتلميذه البارّ آية الله العظمى السيّد الشهيد محمّد محمّد صادق الصدر (قدّس الله سرّهما)، وكذلك سار على دربهما الأولياء والصالحون كالشهيدين الصالحين أبي مهدي المهندس وقاسم سليماني اللذين واجها الاستكبار الغربيّ والأمريكيّ، ونالا شرف الشهادة على يد أقذر خلق الله الرئيس الأمريكي السابق (ترامب).

ثانياً: لا بدّ من تشخيص العدوّ والتعامل معه وفق القواعد الشرعيّة الإسلاميّة وليس وفق القواعد السياسيّة، فعدوّنا واحد لا يتجزّأ بكيانه وأهدافه ولا يتجزّأ في عدوانيّته، فهو – وإن تعدّدت مسمّياته – واحدٌ في عدائه لأمّتنا الإسلاميّة ولا يفرّق بين بلد وبلد، وعلى ذلك فيجب أن يكون الموقف منه موحّداً من قبل المؤمنين، فكما أنّ الكفر ملّة واحدة فالمؤمنون يجب أن يكونوا ملّةً واحدة، وقد أكَّد المولى سبحانه وتعالى على ذلك بقوله ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون:٥٢].

ثالثاً: لابدَّ من دعم الحشد الشعبيّ وإسناده وتقويته في مقابل القوى الاستعماريّة التي تناصبه العدّاء وفي مقدّمتها أمريكا والكيان الصهيونيّ وعملائهما في المنطقة الإسلاميّة، فالحشد الشعبيّ هو الضمانة الأكيدة لحفظ حرمات العراق وشعبه الكريم.

رابعاً: المجتمع العراقيّ مجتمع أصيل بقيّمه وأخلاقه وإطاعته للمرجعيّة الدينية الشريفة، ولهذا نرى تعدّد وتنوّع الهجمات عليه. فتارةً يستهدف الأعداء قياداته الشريفة والواعية، وتارةً أخرى بنشر الفوضى وتحريضه على الاقتتال، ومرّة ثالثة من خلال نشر الرذائل السلوكيّة وغير ذلك من الأساليب والمؤامرات. ولا بدّ – إذَن- من الرّد على جميع الاعتداءات والانحرافات التي يشيعها الأعداء في المجتمع ردّاً جماعيّاً ومجتمعيّاً كلٌّ من موقع مسؤوليّته، وللحكومة والسلطة التشريعيّة العراقيّة كفل كبير من تلك المسؤوليّة لأنّهما موَكّلتان من قبل الشعب للدفاع عنه وصيانة وحدته وكرامته وتحقيق رفاهه واستقلاله وكافّة ما تعهّدتا به إمام الشعب.

 رحم الله تعالى الشهيدين المهندس والسليمانيّ وسائر شهداء الإسلام، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

١١ جمادى الآخرة ١٤٤٤ هجريّة

علي الأكبر الحسينيّ الحائريّ