السيرة الذاتية

بسم الله الرحمن الرحيم

نبذة عن حياة سماحة السيّد علي الأكبر الحائري دام ظلّه

لقد أثمر منبر الشهيد آية الله العظمى السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه) العلمي ثماراً عظيمة جليلة، هي الأزكى والأفضل عطاءً على صعيد الفكر الإسلامي، وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلاميّة المهمّة، حيث تخرّج من بين يديه الفقهاء والمجتهدون والفضلاء العظام الذين أخذوا على عواتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعِلم والمجتمع، معظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلميّة وبالخصوص في النجف الأشرف وقم المقدسّة، ومنهم من بلغوا في الكفاءة والجدارة العلميّة والاجتماعيّة رتبةً تؤهّلهم للقيام بمسؤولّية التربية والتعليم ورعاية الأُمة في يومنا الحاضر. ومنهم السيّد الجليل اُستاذ الحوزة العلمية سماحة آية الله السيّد علي الأكبر الحائري حفظه الله.

ونحن ـ جمع من طلّابه ومحبّيه ـ إذ نقدّم لقرائنا الأعزّاء نبذةً مختصرةً من ترجمة حياة هذا الاُستاذ الجليل نبتهل إلى الله تعالى أن يوفّقنا لخدمة أهدافه الإسلاميّة السامية التي وقف حياته لأجلها، إنه سميع مجيب.

اسمه ومولده:

سماحة آية الله السيّد علي الأكبر الحسيني الحائري نجل المرحوم سماحة آية الله السيّد علي الحسيني الحائري.

وُلد في النجف الأشرف سنة 1373هـ ـ 1954م. وعاش في كنف والديه إلى حين زواجه في السنة العشرين من عمره.

تحصيله العلمي إلى ما قبل هجرته:

بدأ بتعلّم القراءة والكتابة عند والدته المكرّمة (وهي بنت آية الله الشيخ محمّد رضا فاضل رحمه الله) في السنة الخامسة من عمره، وختم قراءة القرآن الكريم في السنة الثامنة من عمره تقريباً.

ثم بدأ بتحصيل مقدّمات العلوم الدينيّة كعلمي الصرف والنحو وغيرهما عند أبيه المعظّم وأخويه المكرّمين (وهما: سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري دام ظلّه، وسماحة الشهيد السعيد السيّد محمّد علي الحائري رحمه الله).

ودرس العلوم الرياضيّة عند أبيه، كما درس أيضاً بعض مقدّمات العلوم الدينيّة عند كلّ من:

1ـ  سماحة السيّد نور الدين الإشكوري (قدّس سرّه).

2ـ السيد عبد الهادي الشاهرودي (دامت بركاته).

استمرّ في دراسته للعلوم الدينيّة عند أخويه المذكورين حتى بلغ مرحلة السطوح العالية، وفي هذه المرحلة درس معظم الكتب الدراسيّة في الحوزة العلميّة عند أخيه المعظّم آية الله العظمى السيّد كاظم الحسيني  الحائري، كما حضر في فترة قصيرة درس المكاسب عند المرحوم سماحة السيّد حسين بحر العلوم (رحمه الله).

التحق ببحث الخارج في علم الاُصول بعد انتهائه من مرحلة السطوح العالية في هذا العلم متشرّفاً بحضور بحث اُستاذه العظيم الشهيد الصدر الأوّل آية الله العظمى السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه) قبل اكتمال العشرين من عمره، وبعد ذلك بحدود سنة أكمل مرحلة السطوح العالية في علم الفقه أيضاً وحضر بحث اُستاذه في هذا العلم، ورغم صغر سنّه كان فهمه واستيعابه للدرس موضع إعجاب اُستاذه قدّس سرّه.

بقي يواصل دروسه عند اُستاذه العظيم لمدّة أكثر من خمس سنوات.

وإلى جنب ذلك حضر في بعض هذه المدّة درس الفقه في بحث الخمس عند آية الله العظمى السيّد أبي القاسم الخوئي (قدّس سرّه).

وفي السنوات الأخيرة من عمر اُستاذه الشهيد (قدّس سرّه) أصبح من خواصّ المعتمدين عنده، وحضر ـ بطلب منه (قدّس سرّه) ـ بحثه الخاصّ الذي كان يعقده لطلابه الخواص.

وقد زامل في تمام المدّة التي كان يحضر فيها درسي الفقه والاُصول لدى اُستاذه الشهيد (قدّس سرّه) كثيراً من الشخصيات العلميّة التي كانت تحضر هذه الدروس في تلك المدّة، ومنهم الشهيد العظيم آية الله العظمى السيّد محمّد محمّد صادق الصدر (قدّس سرّه) الملقب بالشهيد الصدر الثاني، كما أنّ منهم أيضاً سماحة الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم (قدّس سرّه) وسماحة آية الله السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي (قدّس سرّه)، إلى غير ذلك من الشخصيات المعروفة.

هجرته إلى إيران:

هُجِّر قسراً إلى إيران من قبل أزلام النظام البائد إثر مشاركته الفعّالة وتعرّضه للاعتقال في انتفاضة رجب عام 1399هـ ـ 1979 م، حيث كان من رواد التظاهرة التي قامت في النجف الأشرف ـ كما قامت في معظم المحافظات الاُخرى ـ يوم السابع عشر من رجب استنكاراً لاعتقال اُستاذه الشهيد (قدّس سرّه) من قِبل النظام البعثي الغاشم.

وقد اُعتقل في هذه التظاهرة من قِبل أزلام النظام البعثي ـ وكان ذلك في أواخر أيّام رئاسة المجرم أحمد حسن البكر ـ وتحمّل ما تحمّل من أنواع التعذيب في سجون البعث الرهيبة منذ السابع عشر من رجب سنة 1399هـ إلى ما بعد أيّام عيد الفطر من نفس تلك السنة، حيث أبعده النظام البعثي الغاشم إلى إيران بعد شمول العفو العام له من قبل المجرم صدّام في بداية تسلّمه لرئاسة الجمهوريّة بعد المجرم أحمد حسن البكر في تلك الأيّام.

نشاطه العلمي بعد هجرته:

ظلّ يواصل دراسته العليا في بحث الخارج فقهاً واُصولاً في إيران عند أخيه المعظّم آية الله العظمى السيّد كاظم الحسيني الحائري (دام ظلّه) مدّة حوالي خمسة عشر عاماً حتّى بلغ مرتبة الاجتهاد على يده (دام ظلّه) وإلى جنب ذلك حضر مدّة قصيرة بحث خارج الاُصول عند سماحة آية الله العظمى الشيخ وحيد الخراساني (دام ظلّه).

ظلّ في المهجر حوالي ثلاثة وعشرين عاماً وكان من نشاطه العلمي المتميّز في أكثر هذه المدّة تدريسه المتواصل لعلمي الاُصول والفقه على مستوى السطوح العالية في أكثر تلك المدّة في الحوزة العلميّة في قم المقدّسة، حتّى بدأ بتدريس بحث الخارج في الاُصول عام 1423هـ في قم المقدّسة.

رجوعه إلى الوطن:

رجع إلى وطنه الحبيب بعد سقوط النظام البعثي ليسكن فيه مرّة اُخرى وذلك في شهر شعبان من سنة 1424هـ حاملاً الرسالة المتميّزة التي أتحفه بها أخوه الأكبر سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحائري (دام ظلّه) خطاباً لطبلة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف، والتي جاء فيها:

«إني قد بعثت إليكم أخي وثقتي فضيلة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد علي أكبر الحائري حفظه الله الذي حضر ردحاً من الزمن أبحاث اُستاذنا الشهيد السعيد آية الله العظمى السيّد محمّد باقر الصدر (رحمه الله)، وحضر ردحاً من الزمن أوسع من ذلك أبحاثنا حتّى أصبح خير إنسانٍ يستطيع أن يمثّل هذه المدرسة العلمية الشامخة. وقد طلبت منه أن يُغني الحوزة العلميّة النجفيّة بدروسه القيّمة سواء على مستوى ما يُسمّى بالسطح العالي أو على مستوى بحث الخارج فقهاً واُصولاً كي يعمر بذلك الحوزة العلميّة إن شاء الله. فعليكم بالاستفادة من معين علمه والاستضاءة بآرائه».

نشاطه العلمي بعد رجوعه إلى الوطن:

بدأ نشاطه العلمي في النجف الأشرف بعد رجوعه إلى الوطن في شهر شوال من سنة 1424هـ بإلقاء محاضراته العلميّة القيّمة على طلّاب العلوم الدّينية في الحوزة العلميّة المباركة في النجف الأشرف على صعيدين: أحدهما على صعيد بحث الخارج في علم الاُصول من بداية دورة هذا العلم، والآخر على صعيد درس الحلقة الثالثة من كتاب اُستاذه الشهيد (رحمه الله) (دروس في علم الاُصول).

واستمرّ على ذلك حوالي أربع سنوات أكمل فيها تدريسه للحلقة الثالثة، ثم بدأ بعد ذلك بتدريس بحث الخارج في موضوع (الحج) من علم الفقه في شهر شوّال من سنة 1428 هجريّة، وذلك إلى جنب مواصلته لتدريس بحث الخارج في علم الاُصول.

ولا زال هو مستمّراً على إلقاء محاضراته العلميّة على صعيد بحث الخارج في علم الاُصول في النجف الأشرف، مضافاً إلى ما قام به في فترة زمنيّة من تدريس القواعد العامّة في علم الرجال في أيّام الخميس والجمعة منذ يوم الرابع عشر من ربيع الأوّل من سنة 1430هجرية.

مؤلّفاته:

من أهمّ مؤلّفاته المطبوعة إلى حدّ الآن شرحه التوضيحي المفصّل على الحلقة الثالثة من كتاب اُستاذه الشهيد قدّس سرّه (دروس في علم الاُصول) وقد صدر منه الجزء الأوّل فحسب من منشورات (مجمع الفكر الإسلامي ـ قم).

كما أنّ له تعليقات توضيحيّة مختصرة على الحلقة الاُولى والثانية من الكتاب المذكور، وهي مطبوعة أيضاً من قبل (مجمع الفكر الإسلامي ـ قم ) كما أنّ له تعليقة على كتاب الفتاوى الواضحة لأستاذه الشهيد الصدر (قدّس سرّه) صدر منه جزء متعلّق ببحث الاجتهاد والتقليد، والباقي في دور التدوين.

وله تأليفات غير مطبوعة في تقرير أبحاث اُستاذه الشهيد+ في الموضوعات التالية من علم الاُصول:

1ـ بحث النواهي.

2ـ بحث العموم.

3ـ بحث المطلق والمقيّد.

4ـ بحث المفاهيم.

5ـ بحث العلم الإجمالي.

كما أنّ له مقالات علميّة عديدة نشر جملة منها في بعض المجلّات  المعروفة الصادرة في إيران:

1ـ مقالة تحت عنوان (الإبداع في تفسير حقيقة الأحكام الظاهريّة) نشرت في العدد 2 من المجلّة التخصّصيةّ المذكورة لعلم الاُصول من الصفحة 134 إلى 143.

2ـ مقالة تحت عنوان (الحكم الأوّلي والثانوي) نشرت في العدد 6 من المجلّة التخصّصية المذكورة لعلم الاُصول من الصفحة 53 إلى 63.

3ـ مقالة تحت عنوان (اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل) نشرت في العدد 7 من نفس المجلّة من الصفحة 49 إلى 73.

4ـ التخطئة والتصويب [القسم الأول]

5ـ التخطئة والتصويب [القسم الثاني]

6ـ الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي [القسم الأول]

7ـ الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي [القسم الثاني]

8ـ الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي [القسم الثالث]

9ـ نظرية حقّ الطاعة رقم (1) نشرت في العدد 12 من مجلّة (الفكر الإسلامي ـ قم) من الصفحة 87 إلى 126.

10ـ نظرية حق الطاعة رقم (2) نشرت في المجلّة التخصّصيّة لعلم الاُصول (بجوهشهاي اُصولي ـ قم) العدد 1 في الصفحة 27 إلى 42. كما نشرت أيضاً ضمن المواضيع الملحقة بشرحه للحلقة الثالثة تحت عنوان (الملحق 3 حول نظريّة حقّ الطاعة).

11ـ مقدّمة المباني العامّة للمسائل المستحدثة.

12ـ أصالة الثبات في ظهورات الأدلّة الشرعيّة.

13ـ مقالة تحت عنوان (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) قدّمها لمؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران، ثمّ طبعت بعد ذلك في مجلّة (رسالة التقريب) العدد 11 من الصفحة 111 إلى 141.

كما أنّ له: ترجمة لحياة اُستاذه الشهيد (قدّس سرّه) طبعت في مقدّمة الحلقة الاُولى من كتاب (دروس في علم الاُصول) طبعة (مجمع الفكر الإسلامي).

وله أيضاً تلخيص لكتاب (ولاية الأمر في عصر الغيبة) تأليف أخيه سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحائري (دام ظلّه) طبع في مقدّمة نفس الكتاب، من منشورات (مجمع الفكر الإسلامي ـ قم).

كما أنّ له تأليف يستعرض فيه قصّة شفاء أحد أولاده بكرامةٍ من الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وذلك باللغة الفارسية تحت عنوان (كرامت مولى أمير المؤمنين عليه السلام) محدود التّداول.

نشاطاته الثقافيّة:

وله نشاطات كثيرة في الجوانب الثقافيّة بالإضافة إلى ما ذكر من المقالات والتأليفات، منها ما يلي:

1ـ شارك في تأسيس مؤسّسة (مجمع الفكر الإسلامي) في قم المقدّسة حدود سنة 1408 الهجريّة. وكان من أعضاء اللجنة الإداريّة فيها.

2ـ شارك في تأسيس مؤسّسة (مركز الأبحاث التخصصيّة للشهيد الصدر قدّس سرّه) في قم المقدّسة حدود سنة 1421 الهجريّة وهو من أعضاء اللجنة الإداريّة فيها.

3ـ شارك مشاكرة فعّالة في المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر (قدّس سرّه) الذي اُقيم في طهران حدود سنة 1421 الهجريّة، بمناسبة مرور عشرين عاماً على استشهاد اُستاذه الشهيد الصدر. وكان عضواً فعالاً في اللجنة العلميّة لهذا المؤتمر. وأشرف على تحقيق عدد من مؤلّفات اُستاذه الشهيد الصدر (قدّس سرّه) باسم هذا المؤتمر.

4ـ أقام مدّة سنة تقريباً في مشهد الإمام الرضا عليه السلام خلال السنوات الاُولى من تواجده في إيران، أسّس فيها (مركز الثقافة الإسلاميّة) مشتملاً على نشاط تثقيفي واسع بين الشباب العراقيين الساكنين في هذه المدينة المقدّسة، كما أسّس في نفس تلك السنة مدرسة ابتدائيّة لتربية أولادهم في نفس تلك المدينة.

وأخيراً لا زال هو مشغولاً بتربية طلبة العلوم الدينيّة وتعليمهم في النجف الأشرف بأعلى مراتب التدريس ـ المعبّر عنه ببحث الخارج ـ في الحوزة العلميّة المباركة.

زواجه وأولاده:

تزوّج في سن العشرين تقريباً من عمره ببنت المرحوم المحقّق سماحة السيّد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي، وأنجب منها أربع أولاد ذكور، وهم:

 1ـ السيد حسن الحائري.

2ـ السيد حسين الحائري.

3ـ السيد محسن الحائري.

وهؤلاء من طلبة العلوم الدينية ولهم فضيلة علميّة مرموقة.

4ـ السيد إحسان الحائري. وهو ليس من طلبة العلوم الدينيّة في الحال الحاضر، ولكنّه يعيش في أوساط الحوزة العلميّة.

كما أنّه أنجب منها بنتين.

والحمد لله أوّلاً وآخراً وهو وليّ التوفيق.

1444 الهجريّة

جمع من طلّابه ومحبيه

ملحق

رسالة آية الله العظمى السيد كاظم الحائري إلى طلبة العلم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد : فهذه رسالة موجّهة إلى طلبة العلوم الدينة في النجف الأشرف:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّي قد بعثت إليكم أخير وثقتي فضيلة حجّة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر الحائري حفظه الله الذي حضر ردحاً من الزمن أبحاث اُستاذنا الشهيد السعيد آية الله العظمى السيّد محمد باقر الصدر ـ رحمه الله ـ وحضر ردحاً من الزمن أوسع من ذلك أبحاثنا حتى أصبح خير إنسان يستطيع أن يمثّل هذه المدرسة العلميّة الشامخة وقد طلبتُ منه أن يُغني الحوزة العلميّة النجفيّة بدروسه القيّمة سواءٌ على مستوى ما يسمّى بالسطح العلي أو على مستوى بحث الخارج فقهاً واُصولاً كي يعمّر بذلك الحوزة العلمية إن شاء الله فعليكم بالاستفادة من معين علمه والاستضاءة بآرائه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

20 رجب 1424هـ

كاظم الحسيني الحائري