تفسير حقيقة الأحكام الظاهريّة .
وقد توصّل في الأمر الأوّل إلى نتيجة: أنّ الأغراض والمبادئ لا تتسع في الحقيقة عند وقوع الخلط والاشتباه، وإنّما تتسع دائرة المحركيّة فحسب.
كما توصّل في الأمر الثاني إلى أنّ هذا نوع جديد من التزاحم يختلف عن النوعين الآخرين، وقد عبّر عنه بالتزاحم في مقام الحفظ التشريعي، وهو التزاحم الحفظي بلغة الإختصار.
وأمّا الأمر الثالث فقد انتهى فيه إلى إمكان وقوع التزاحم ـ بالمعنى الجديد المطروح في الأمر السابق ـ بين ملاك الحكم الإلزامي وملاك الحكم الترخيصي، بحيث يجد المولى نفسه بين طريقين في مقام التشريع لو سلك أحدهما تمّ موضوع حكم العقل بالتنجيز ولو سلك الآخر تمّ موضوع حكم العقل بالتعذير.
ولسنا الآن بصدد الدخول في تفاصيل هذا البحث، وإنما طرحنا موجزاً لبيان هذه النظريّة للتوصّل إلى نقاط الإبداع فيها التي لم يتوصّل إليها الآخرون، ومن أراد التفصيل فيها فليرجع إلى مصادرها .
2ـ الجذور الأوّليّة لنظريّة السيّد الشهيد (رحمه الله):
وأمّا الجذور الأوّليّة الموجودة في ألسنة الأصحاب لهذه النظريّة فهي من قبيل ما ورد في مقالات المحقّق العراقي (رحمه الله) من أنّ الأوامر الطريقيّة «دائرة إنشائها أوسع من دائرة لبّ الإرادة الواقعيّة، إذ ربّما يكون في البين إنشاء بلا إرادة في الواقع أصلاً» .
وما ورد أيضاً في نفس المصدر من أنّ «مثل هذه الإنشاءات الطريقيّة في ظرف الجهل بالواقع تكشف عن اهتمام المولى بحفظ مقصوده بحسب ما قنع في إبرازه بصرف خطابه الواقعي القاصر عن الشمول لظرف الجهل بنفسه، ولازمه حينئذٍ احتمال المكلّف تكليفاً يقطع بكونه مهتمّاً به بهذه المرتبة من الاهتمام، وبمثله يخرج أيضاً عن موضوع القبح، لأنّه تمحّض بصورة عدم الاهتمام بحفظه في ظرف الجهل» .
وما ورد أيضاً في أجود التقريرات من قوله: «وأمّا إذا كان