للإباحة داعياً إلى تعميم الإباحة لتمام تلك الأفعال أيضاً لضمان حفظه في مقام التشريع، فيقع التزاحم الحفظيّ بينهما حتّى وإن كان الأوّل مستدعياً للامتثال، والثاني غير مستدعٍ للامتثال بحسب العالم الخارجيّ لمتعلّق الحكمين.
وبهذا يظهر أنّ من خواصّ التزاحم الحفظيّ الذي يتميّز به عن التزاحم الامتثاليّ أنّه صالح لوقوع الإباحة الاقتضائيّة طرفاً له بخلاف التزاحم الامتثاليّ.
هذه هي المقدّمة الثالثة من المقدّمات الثلاث التي وضعها اُستاذنا الشهيد رحمه الله للوجه الذي اختاره لحلّ الشبهات المحيطة بالأحكام الظاهريّة، والآن حان وقت توضيح ذلك الوجه في ضوء هذه المقدمات الثلاث، فنقول:
الأحكام الظاهرية تعالج التزاحم الحفظي:
إنّ اُستاذنا الشهيد رحمه الله بنى على أنّ الأحكام الظاهريّة الشرعيّة كلّها إنما جعلها الشارع تبارك وتعالى لأجل علاج التزاحم الحفظيّ الذي وقع بين ملاكات الأحكام الشرعيّة الواقعيّة عند الشكّ فيها، فكلّ حكمٍ ظاهريّ ـ سواء في مجال الأمارات أو في مجال الاُصول العمليّة ـ نجده يعالج التزاحم الحفظيّ في دائرةٍ من دوائر الشكّ في الحكم الواقعيّ.
فمثلاً نجد أنّ حجّيّة خبر الثقة جائت من قبل الشارع تبارك وتعالى لعلاج التزاحم الحفظيّ الواقع في دائرة الأحكام الواقعيّة التي جاء فيها خبر الثقة واختلطت فيها الملاكات الواقعيّة التي يطابقها خبر الثقة بالملاكات