2ـ السببيّة المدّعاة في التصويب المنسوب الى المعتزلة، وهي دعوى أنّ أفعال المكلّفين وإن كان لها أحكام من حيث الأساس ولكنّ تلك الأحكام مقيّدة بعدم قيام أمارةٍ أو أصل على خلافها، فإذا قامت أمارة أو أصل على خلافها سقطت تلك الأحكام وتبدّلت بما تقتضيه الأمارة أو الأصل.
وهذا النحو من السببيّة وإن كانت أحسن حالاً من النحو الأوّل، ولكن يقال: إنّها على خلاف الإجماع عند الشيعة الإماميّة.
وينبغي الإشارة هنا إلى أنّنا قد ذكرنا في بعض مقالاتنا السابقة تفسيرين للتصويب المنسوب إلى المعتزلة، ونبّهنا على أنّ التفسير الأوّل منهما إن كان على خلاف الإجماع فالتفسير الثاني ليس كذلك قطعاً ولا ينبغي التعبير عنه بالقول بالتصويب، والتفسيران على وجه الإجماع هما:
أوّلاً: أن يقال بسقوط الحكم الواقعي خطاباً وملاكاً عند مجيء الحكم الجديد المستفاد من الأمارة أو الأصل، فلا يبقى من الحكم الأوّل حتّى ملاكه، والظاهر أنّ هذا هو المراد بالسببيّة المستلزمة للتصويب المعتزلي.
وثانياً: أن يقال بسقوط الحكم الواقعي الأوّلي خطاباً فحسب عند مجيء الحكم الجديد المستفاد من الأمارة أو الأصل مع بقاء ملاكه، كما هو حال الأحكام الأوّليّة عند مجيء الحكم الثانوي في مثل موارد الاضطرار والإكراه ونحوهما، فتكون الأحكام المستفادة من الأمارات والاُصول نوعاً من الأحكام الواقعيّة الثانويّة.
وقد ذهبنا نحن الى قبول هذا التفسير الثاني للتصويب المعتزلي وقلنا: إنّه