أصول الفقه – يوم الإثنين ١٨ جمادي الثانية ١٤٤٥

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطيّبين والطاهرين.

قلنا إنّ الجهة الثانية من البحث تقع في بيان حكم ألف بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء فبيّنا حكمه على مبنى السيّد الخوئي والشيخ الأنصاريّ ولنبحث الآن على مبنى المحققّ العراقيّ ثمّ على مبنى المحققّ النائينيّ.

والنتيجة على مبنى السيّد الخوئي أنّه يجب الاجتناب عنه بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء وعلى مبنى الشيخ الأنصاريّ يجب الاجتناب عنه على القول الأوّل فيه وعلى القول الثاني لا يجب الاجتناب، وعلى قول أستاذنا الشهيد رحمه الله لو لم نأخذ الزمان بعين الاعتبار يجب الاجتناب عنه ولو أخذنا بعين الاعتبار لا يجب الاجتناب.

والآن نبحث على مبنى المحققّ العراقيّ ثمّ على مبنى المحققّ النائينيّ.

الجهة الثانية على مبنى المحقّق العراقي رحمه الله

أمّا على مبنى المحققّ العراقيّ رضوان الله تعالى عليه فيجب الاجتناب عنه بعد رجوعه، وذلك لأنّه على مبناه كان يشترط في منجّزيّة العلم الإجماليّ أن لا يكون أحد طرفيه منجّزاً بمنجّز سابق رتبة؛ لأنّه يؤمن بأنّ المنجّز لا ينجّز فلا يعقل اجتماع التنجيزان على شيء واحد. فهنا يجب الاجتناب عن ألف؛ لأنّ العلم الإجماليّ بين ألف وباء قد توفّر فيه هذا الشرط، يعنيّ أنّه ليس أحد طرفيه منجّزاً بمنجّز سابق رتبة؛ لأنّ العلمين الإجماليّين قد تولّدا معاً حسب الفرض، فصار علماً إجماليّاً ثلاثيّاً، فلا يوجد إذاً منجّز سابق رتبة؛ لأنّ العلمين الإجماليّين انطبق أحدهما في الآخر دفعة واحدة ولا اختلاف زمانيّ ولا اختلاف رتبيّ، فإنّ هذا العلم الإجماليّ بحسب المرحلة الثالثة عندما تولّد، تولدّ دفعة واحدة فإمّا ألف والثوب نجسان معاً أو باء نجس فلا يكون تقدّم وتأخّر رتبيّ فالشرط متوفّر فيجب الاجتناب عن ألف.

الجهة الثانية على مبنى المحقّق النائيني رحمه الله

وأمّا بناء على مبنى المحقّق النائينيّ رضوان الله تعالى عليه فيجب أيضاً الاجتناب عن ألف، وذلك لأنّه على مبنى المحقّق النائينيّ كان يشترط في منجّزيّة العلم الإجماليّ أن لا يكون معلومه – وهو كان يصبّ الكلام على المعلوم [لا العلم] – على أحد تقديريه بقاءً لحكم سابق، بل لا بدّ أن يكون حكماً حدوثيّاً. غاية الأمر أنّا أضفنا قيداً [في هذا المبنى] وإنّه مضطرّ إلى أن يقبلها حتّى لا يرد عليه النقض بالشكّ البدويّ؛ حيث إنّ احتمال وجود حكم سابق موجودٌ فيه ولكن احتمال حكم منجّز لا يوجد. وقلنا بأنّ هذا تضمين لمبنى المحقّق النائينيّ بروح مبنى المحقّق العراقيّ حيث يقول المحقّق العراقيّ إنّ المنجّز لا ينجّز فلا يكون مسبوقاً بحكم منجّز، فكلمة [منجّز] ضروريّة في مبنى المحقّق النائينيّ.

وهو يعمّم البحث على السبق الرتبيّ كما سبق. فالشرط – بعد تعديله – عند المحقّق النائينيّ لمنجّزيّة كلّ علم إجماليّ هو أن لا يكون معلومه على أحد تقديريه بقاءً لحكم منجّز سابق زماناً أو رتبة.

فعلى هذا الرأي أيضاً يجب الاجتناب عن ألف؛ لأنّ هذا الشرط متوفّر في العلم الإجماليّ بين ألف وباء في المرحلة التي وضّحناها سابقاً وبعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء يعني في المرحلة الأخيرة.

وذلك لأنّه ما دام العلمان الإجماليّان تولّدا معاً واندكّ أحدهما في الآخر فهذا العلم الإجماليّ بين ألف وباء لا يوجد في معلومه على أحد تقديريه بقاء لحكم منجّز سابق زماناً أو رتبةً.

فعلى مبنى كلّ من المحقق العراقيّ والمحقق النائينيّ يجب الاجتناب عن ألف بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء.

وأمّا هل يجب الاجتناب عن الثوب؟ فسيأتي بحثه في الجهة الثالثة إن شاء الله.

والحمد لله ربّ العالمين.