أصول الفقه – يوم الثلاثاء ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٥

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطيّبين والطاهرين.

خلاصة الأبحاث الماضية

كان أصل الغرض لطرح البحث في الجهات الثلاثة هو التحقيق في صحّة أو عدم صحّة ما قيل من أنّه في الحالة المذكورة – وهي حالة ما إذا حصل الملاقاة، ثمّ حصل الخروج عن محلّ الابتلاء، ثمّ حصل العلم الإجماليّ، ثمّ الرجوع إلى محلّ الابتلاء – ينقلب الحكمان أي حكم ألف والثوب، فالثوب الذي كان يقولون فيه بعدم وجوب الاجتناب يتحوّل إلى وجوب الاجتناب وألف الذي كان يقولون فيه بوجوب الاجتناب يتحوّل إلى عدم وجوبه.

وكانت الجهة الأولى في بيان حكم الثوب قبل الرجوع إلى محلّ الابتلاء، والجهة الثانية في بيان حكم ألف بعد الرجوع إلى محلّ الابتلاء، والجهة الثالثة في بيان حكم الثوب بعد الرجوع إلى محلّ الابتلاء، حتّى يعرف في الجهة الثانية والثالثة ما هو حكم ألف بعد الرجوع إلى محلّ الابتلاء وما هو حكم الثوب حتّى يتبيّن أنّه هل ينقلب حكمهما أو لا.

وقد انتهينا عن البحث في الجهة الأولى والثانية، وقبل أن نبدأ بالجهة الثالثة نلخّص نتائج الجهة الثانية أي نتائج البحث في تعيين حكم ألف بعد الرجوع إلى محلّ الابتلاء.

فعلى مبنى السيّد الخوئي «لا يجب الاجتناب عن ألف» وذلك لأنّه يرى الميزان في التقدّم والتأخّر الزمانيّين، فيقول بأنّ الأصلين في باء والثوب قد تعارضا وتساقطا في زمانٍ لم يكن لألف أصل مؤمّن؛ لأنّه كان خارجاً عن محلّ الابتلاء، فلا يجري الأصل فيما هو خارج عن محلّ الابتلاء فجرى الأصلان في باء والثوب وتساقطا، وبعد الدخول إلى محلّ الابتلاء يجري الأصل المؤمّن في ألف بلا معارض؛ لأنّ معارضه قد سقط من قبل في باء والثوب.

وعلى مبنى الشيخ الأنصاريّ رضوان الله تعالى عليه قلنا إنّه «يجب الاجتناب عن ألف على قول»، «ولا يجب على قول ثان»، وعلى تحقيق أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه يوجد تفصيل في أنّ الزمان داخل في الحساب أو لا؟ «فإذا أدخلنا عنصر الزمان [في ملاك الانحلال] ننتهي إلى ما انتهينا على مبنى السيّد الخوئيّ، فلا يجب الاجتناب عنه، وإذا لم ندخله فيجب الاجتناب عنه».

وعلى مبنى محققّ العراقيّ ومحققّ النائينيّ معاً قلنا «يجب الاجتناب عن ألف».

إذاً فالذي يؤيّد الدعوى المذكور – أي تبادل حكمي ألف والثوب – من هذه المباني هو مبنى السيّد الخوئي، فعلى مبناه يتحوّل حكم ألف إلى عدم وجوب الاجتناب عنه، فإذا ظهر [في الجهة الثالثة] أنّه يجب الاجتناب عن الثوب فيتمّ تبادل الحكمين. وكذلك على مبنى الشيخ الأنصاريّ على أحد التقديرين فقط.

فالآن نتحوّل إلى الجهة الثالثة لنبحث ونبيّن فيها حكم الثوب بعد رجوع ألف إلى محلّ الابتلاء.

الجهة الثالثة: حكم الثوب بعد رجوع ألف إلى محلّ الابتلاء

فعلى مبنى السيّد الخوئي – الذي انتهى في الجهة الثانية إلى عدم وجوب الاجتناب عن ألف بعد رجوعه إلى محلّ الابتلاء – فيجب الاجتناب عن الثوب، يعني يتمّ تبادل الحكمين. وذلك لأنّه يقول بأنّ التقدّم والتأخّر الزمانيّ يؤثّر في الحساب، ففي الزمان السابق أي الزمان الذي لم يكن يجري الأصل في ألف – لكونه خارجاً عن محلّ الابتلاء – قد تساقط الأصول المؤمّنة بين باء والثوب فهما فقدا الأصل المؤمّن وبعد دخول ألف في محلّ الابتلاء لا يرجعان، فألف على مبناه لا يجب الاجتناب عنه والثوب يجب الاجتناب عنه. فيتمّ على مبناه ما قالوه من أنّ الحكمين في الملاقي والملاقى يتبادلان.

والحمد لله ربّ العالمين.